Saturday, 31 December 2011

مذكرات شخصية ل2011 والربيع العربي

كانت أسوأ الأوقات، كانت أفضل الأوقات. كانت عصر الحمق، كانت عصر الحكمة. كانت عهد الشك، كانت عهد الإيمان. كانت فصل الظلام، كانت فصل النور. كانت شتاء اليأس، كانت ربيع الأمل
مقدمة “رواية مدينتين” التي تقع أحداثها في بدايات الثورة الفرنسية، بتصرف

لم أجد أفضل من هذا لأصف 2011 التي بدت وكأنها لن تنتهي.

 شئ واحد لم يتغير عند بداية السنة ونهايتها: الغيرة من التونسيين.. وفي نفس الوقت، أطيب التمنيات لهم. أدامهم الله مثلا أعلى لنا جميعا.

2011
هو العام الذي صرنا فيه كلنا توانسة ومصريين وليبيين وسوريين ويمنيين وبحرينيين. حينما نطالب بحقوقنا الأساسية، نتذكر أننا نعاني نفس المشاكل ونتذكر أن مصائرنا مشتركة. والآن وقد امتدت الحمى، فإنك تدرك كم لديك من الأمور المشتركة مع شعوب العالم.

تعلمنا الكثير من الكلمات باللهجات العربية المختلفة مثل زنقة، برشا، شبيحة، بلاطجة و كذلك أسماء مدن و محافظات في هذه البلاد مثل:
سيدي بوزيد
مصراتة – بنغازي – سرت
تعز – صعدة - أبين
درعا – حماة – حمص – بانياس
أسماء نعرفها جيدا الآن وارتبطنا بها. و الآن وقد عرفناها، لن ننساها أبداً.

تعبيرات جديدة دخلت لغتنا لا يكاد يمر يوم لا نستعملها فيه
فهمتكم
لم أكن أنتوي
قاتلت واتقلت
من أنتم
زنقة زنقة
والله الموفق والمستعان

وشتائم جديدة
قلة مندسة
أجندة
جرذان

وأبطالاً جدد
الراجل الي واقف ورا عمر سليمان

وقطع ملابس هامة
بلوفر شفيق
بدلة المشير
جزمة المشير

شاركنا العديد من اللحظات بداية من هروب بن علي، لتنحي مبارك، لخطبة الشيخ القرضاوي في التحرير متفائلاً بالصلاة في الأقصى، لخطب القذافي النارية الكوميدية، لهروب صالح للسعودية ثم عودته، لمحاكمة مبارك، لدخول الثورا طرابلس. لكن الألم لرؤية الفظائع التي مر بها الليبيون و يمر بها الشعبين السوري واليمني بشكل يومي فوق الاحتمال، و تجعل المرء يشعر بقلة الحيلة... ندعو لبعضنا البعض. ونعلم أنه سيأتي الوقت الذي تنتهي فيه هذه الكوابيس. و سنخرج أقوى و أكثر توحداً و التفافاً حول أهدافنا المشتركة.
خواطر شخصية
 كانت2011 عاماً أنعم الله علي بمشاركته مع مجموعة رائعة من الأصدقاء و الزملاء. أتذكر في يوم 27/1 و بعد الأحداث الدامية في السويس وقطع الانترنت والمحمول، قام بعض الزملاء بكتابة أرقام هواتفهم الأرضية على ورقة احتياطياً. و بالفعل قطع الانترنت وخطوط الهواتف المحمولة في منتصف هذه الليلة.

أنظر للوراء وأتذكر كيف تشاركت أنا وصديقتي الحميمة في معظم آرائنا. يبدو أن مشاركة السن والتعليم والتربية والثقافة يحدث فرقاً.

الأمر الجيد في سنة عصيبة أنها تعرفك أصدقاءك الحقيقين و من يهتم لأمرك حقاً. في خلال ذلك الأسبوع العصيب بدون إنترنت، كان قريب لي خارج مصر يحادثني هاتفياً كل يوم تقريباً. في اليوم التالي لبداية هجوم البلطجية اتصل في وقت مبكر بتوقيته، وكان يظهر في صوته أنه استيقظ للتو.

سعيدة بالأصدقاء الذين تعرفت عليهم من خلال الربيع العربي ومن خلال رحلتي لتركيا، أصدقاء آمل أن أحفتظ بهم مدى الحياة.

 في حين اكتفى الكثيريون من ناحية المشاركة السياسية بنشر فيديوهات على الفيسبوك كانت في معظمها هجوم على آخرين أو سخرية، أجد أن أروع شئ هذا العام كان مقابلة شباب من بلدي ملهَم ونشيط وذكي ومتقارب في السن والتعليم، تلاقيت معهم في الأفكار والأهداف، وعملنا سوياً في مشاريع متنوعة لخدمة بلدنا وتعلمت منهم الكثير. لم أكن لألتقي بهم لولا الثورة. أعرف أننا معاً سنغير العالم.

معادن
أمر آخر جيد في سنة عصيبة أنها تظهر معادن الناس. أدّعي أني لم أفاجأ بمواقف الناس الذين أعرفهم أو المشاهير من الثورة.
قُلْ كُلٌّۭ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًۭا ﴿٤٨﴾ الإسراء

معظمنا هزته الأحداث على الأقل في بعض الأوقات، أفقدته توازنه، لم يستطع دائماً التفكير بصفاء و تنظيم الأولويات. أعتقد أن التفكير بصفاء هو أهم ما نحتاجه في الوقت الحالي. إن كنت تظن أنك تفعل ذلك أو إن كنت تبني آراءك بدافع من الخوف أو التعب من كل ما يحدث، راجع تفكيرك و طرقه، و استمر دائماً في مراجعته ومساءلة نفسك.

من ليس متحيراً لا يفهم حقيقة الموقف -إدوارد مورو، صحافي إذاعي أمريكي

عدد كبير من الناس يظن أنه يفكر، في حين أنه فقط يعيد ترتيب تحيزاته -إدوارد مورو

في النهاية
برغم الصعاب والعقبات سنمضي في الطريق، نحاول أن نركز تفكيرنا ولا ننتظر نتائج فورية. أليست هذه روح الإخلاص؟

 ظننا أننا نعيش ونموت في القهر والظلم. كنا نعرف أنه سيأتي اليوم الذي تقوم فيه هذه الأمة وحسبناه بعيداً. لكن الله قدر أن يبدأ على أيدينا نحن، نعمة لن نستطيع أن نوفيه حقها مهما شكرنا.

والآن نستعد لعام آخر...


No comments:

Post a Comment