Thursday 28 April 2011

سوريا ليست مصر أو تونس.. شبهات حول الثورة السورية

لا يخفى أن الفارق الكبير بين الثورة السورية و الثورتين المصرية و التونسية هو استخدام الآلة العسكرية بعنف في قمع الاحتجاجات. لم تعرض التونسيون و المصريون لذلك بسبب موقف جيشيهما المشرف. و يبقى موقف عامة الجيش السوري غير واضح، فهل سيقبل -بضباطه و جنوده- بالقيام بمذبحة واسعة النطاق لإنهاء الاحتجاجات؟ و هل سيستطيع النظام السوري فعل ذلك في ظل الاهتمام و التنديد الدولي؟

لكن يبدو أن النظام السوري يستخدم -إلى جانب وحشيته المفرطة- الكثير من أساليب النظام المصري، و يدور في خلد السوريين بعض مما مررنا به في الثورة المصرية. و يبدو كذلك أنه يعطل خروج الدرتين دمشق و حلب.

1- هل يكمن أن يكون هناك بديلا لحزب متوغل لعقود في واقع البلاد؟ نحن لا نرى بديلا
نفس ما قيل في مصر بسبب توغل الحزب الوطني في جوانب الحياة المصرية. عدم وجود بديل هو ما تقنعنا به الأنظمة بعد قتل المعارضة. هي أسطورة قتلتها الثورة التونسية و المصرية. كمثال بسيط لم يأت عصام شرف من كوكب المريخ.
شعوبنا قادرة على إفراز الكثير من البدائل للنظم القمعية التي تسلب أقوات الناس.

عاش الكثيرون في مصر تحت أكذوبة أن بلد في حجم مصر ينتشر فيها الفقر و الجهل و بعض "الطائفية" (التي ظهر أنها كانت من تدبير النظام) لابد أن تحكم بيد من حديد. و هذا ما حاول النظام فعله في أيامه الأخيرة بنشر البلطجية و إخراج المساجين من السجون، لوضع الناس بين خيار الأمن و الحرية. لكن كل هذا فشل.

2- لكن الرؤية غير واضحة و ربما ننزلق لفوضى
عدم وضوح الرؤية شئ طبيعي في الثورة. لا أحد لديه بلورة يرى فيها المستقبل. لم نكن نعرف كيف سيسقط الحزب الوطني و كيف سيكون الحكم بعده و كيف سيكون حال البلاد. لكن ما كنا نعرفه هو أن طلب الحرية واجب علينا.
و السيناريوهات ستختلف. تمر تونس بسيناريو يختلف عن مصر ببقاء بعض وجوه النظام في الحكم، لكن تونس بالطبع على الطريق الصحيح.

3- لكن بعض كبار العلماء ضد الثورة.
نفس ما حدث في مصر من شيخ الأزهر و مفتي الجمهورية. بل وصل الأمر بالقول -و نحن في خضم الثورة- بجواز عدم الذهاب إلى صلاة الجمعة في حالة الخوف من الفتنة على النفس أو المال!! ستتجاوز رؤية الشعب ذلك و سيستمع للعلماء الأحرار مثل الشيخ كريم راجح والشيخ أحمد الصياصنة، و من خارج سوريا الشيخ القرضاوي.

4- في ظل الإبادة الوحشية، هل يجب أن يدافع السوريون عن أنفسم بالسلاح؟
في ذلك قتل للثورة. بالإبقاء على سلمية الصراع من أجل الحرية يستمر الشعب السوري في إرسال رسالته القوية لجيشه أن مشكلته ليست معه، بل مع النظام الفاسد القاتل. و ما روج له النظام من أن الاحتجاجات يقوم بها جماعات مسلحة كان موجها بشكل كبير لعناصر الجيش. و ظهر في فيديو أحد الأسرى أن قادته أخبروه أن هناك مسلحين. إذا رأي جندي من يرفع عليه السلاح فسيصدق رواية النظام السوري، لكن هذا ما يمنعه ثبات الشعب السوري على موقفه السلمي.

Non-violence is the greatest force at the disposal of mankind. It is mightier than the mightiest weapon of destruction devised by the ingenuity of man. -Mahatma Gandhi
اللاعنف هو أعتى قوة في يد الانسان. و هو أعتى من أعتى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان -المهاتما غاندي

The power of people is stronger than the people in power -Wael Ghonim, a leader of Egypt's 25th Jan revolution
نفوذ الشعب أقوى ممن هم في مواقع النفوذ -وائل غنيم، أحد قادة ثورة 25 يناير المصرية

5- لكن ليس كل الشعب متفق على الثورة. و أكبر مدينتين لم تشاركا بفاعلية بعد.
قرأت هذا التحليل لموقف دمشق و حلب:
ما أود إضافته أن حتى ثورتنا في مصر لم يخرج فيها أو يتفق عليها كل الشعب. الملايين الذي نزلوا للشوارع كانوا نسبة من مصر، لكنها كانت كافية لإحداث التغيير. و هكذا يحدث التغيير في المجتمعات. حين تصل النسبة المطالبة به للكتلة الحرجة، و هو ما سيتحقق إن شاء الله بخروج الشام و حلب بقوة في جمعة الغضب. أهل المدينتين -بعلمائهم و مفكريهم- عليهم مسؤلية عظيمة، ربما تحدد ما إذا كانت ستنجح هذه الثورة أم ستقمع و يباد من شارك فيها. هنا تبرز أهمية ما قاله الشيخ الصياصنة أن التظاهر "فرض عين" على كل سوري.

قوة الشعب في عدده و ثباته و وحدته، و هذا هو السبيل الوحيد لمواجهة الآلة العسكرية الغاشمة. تحضرني تغريدة أحد المصريين عن سوريا: ما يعملوها مليونيات و يخلصوا.

The difference between what we are doing and what we are capable of doing would solve most of the world's problems. -Mahatma Gandhi
الفرق بين ما نفعله و ما نستطيع فعله سيحل معظم مشاكل العالم -المهاتما جاندي

6- المظاهرات ستوقف الحال الاقتصادي
يبدو هذا عاملا أساسيا في الشام و حلب كما أشار الرابط السابق. هذا ما كرر مرارا على أسماعنا في مصر.

حتى و إن تناسيت واجبك في المطالبة بالحرية، فلتعلم أن تحرير البلاد من القبضة الأمنية المطبقة و الحصول على فرص متكافئة و اقتصاد حر أهم كثيرا -لمن لديه رؤية- من التضحية ببعض المكاسب الآنية.

لكن إجابة هذا السؤال تظهر إذا نظرت لجامعة حلب التي اقتصرت مظاهرات مدينة حلب عليها تقريبا. الإجابة هي الشباب. سيبوا بهباهاتكم في البيت و انزلوا.

They that can give up essential liberty to purchase a little temporary safety deserve neither liberty nor safety. -Benjamin Franklin
هؤلاء الذين يضحون بالحرية الأساسية لشراء القليل من أمان المؤقت لا يستحقون لا الحرية و لا الأمان -بنيامين فرانكلين